في عالمنا سريع الوتيرة والمليء بالمتطلبات، أصبح التوتر جزءًا لا مفر منه من حياتنا. وبينما من المعروف أن التوتر يمكن أن يؤثر سلبًا على صحتنا العقلية والبدنية، إلا أن تأثيره على الصحة الجنسية للرجال غالبًا ما يتم التغافل عنه. دعونا نستكشف العدو الصامت المتمثل بالتوتر وكيف يؤثر على جوانب مختلفة من الصحة الجنسية للرجال. فهم هذه التأثيرات يمكّن الرجال من اتخاذ خطوات مسبقة نحو الحفاظ على حياة جنسية أفضل.
فيزيولوجيا التوتر
تخيل أن هناك أسد يطاردك. يرتفع معدل ضربات قلبك، ويتسارع تنفسك، ويغمر جسمك بالأدرينالين والكورتيزول من أجل البقاء على قيد الحياة¹. استجابة “القتال أو الهروب” هي من نعم الله علينا، ولكنها مخصصة لتعمل لفترات قصيرة. الآن تخيل أن هذا الأسد يتم استبداله بالتوتر المزمن: المواعيد، الأعباء المالية، ومشاكل العلاقات.
تستمر هذه الهرمونات في البقاء داخل الجسم لفترات طويلة نسبياً، مما يعطل التوازن الداخلي. بالنسبة للرجال، يؤثر هذا الخلل بشكل مباشر على الصحة الجنسية. الكورتيزول، هرمون الإجهاد، يعمل كمثبط للتستوستيرون، مما يقلل من الرغبة الجنسية والإثارة². يضع الأدرينالين المزمن عراقيل في تدفق الدم، مما يجعل من الصعب تحقيق الانتصاب والحفاظ عليه³. يزيد قلق الأداء، الذي يغذيه التوتر من المشكلة. الأمر يبدو كحلقة مفرغة، حيث تعمل آلية الحماية التي ذكرناها سابقاً ضدك.
إن فهم هذا الارتباط الفسيولوجي أمر ضروري للتعامل مع الأمر وتجنبه. من خلال إدارة التوتر عن طريق ممارسة الرياضة وتقنيات الاسترخاء والتواصل المفتوح، يمكنك تهدئة أوركسترا “القتال أو الهروب” وخلق الظروف لحياة جنسية أفضل. تذكر أنك لست مُعدًا نفسياً أو بدنياً للبقاء في وضع الاستعداد للدفاع طوال الوقت. عن طريق معرفة فيزيولوجيا التوتر تكون مستعد لتحقيق التوازن واكتشاف متعة العلاقة الحميمية.
ضعف الانتصاب (ED) وقلق الأداء
ارتبط التوتر ارتباطًا وثيقًا بضعف الانتصاب، وهي حالة يعاني فيها الرجال من صعوبة في الانتصاب أو الحفاظ عليه4.
لحسن الحظ، هناك العديد من طرق التأقلم البسيطة التي يمكن أن تساعد الأفراد على التعامل مع الضعف الانتصاب الناجم عن قلق الأداء. قد تتضمن هذه الطرق التواصل مع الشريك، وتقنيات الاسترخاء، وطلب المساعدة من معالج أو استشاري. من خلال معالجة القلق والتوتر الكامنين، يمكن للأفراد غالبًا تحسين أدائهم الجنسي وصحتهم بشكل عام.
انخفاض الرغبة الجنسية والشهوة2
هل لاحظت يومًا أنه عندما تكون مُضطربًا للغاية، يختفي دافعك الجنسي تمامًا؟ يبدو الأمر كما لو أنك لا تستطيع حتى التفكير في ممارسة العلاقة الحميمة. اتضح أن التوتر يمكن أن يؤثر فعليًا على الرغبة الجنسية وشهوة الممارسة. عندما تكون متوترًا ومضطربًا، يمكن أن يخل ذلك بتوازن الهرمونات لديك ويجعل من الصعب الدخول في الحالة النفسية أو العاطفية المناسبة. الأمر يبدو وكأن الجسم مشغول جدًا بالتعامل مع التوتر مما لا يترك مساحة حتى للتفكير في ممارسة العلاقة الحميمة. لذلك، في المرة التالية التي تشعر فيها بالإرهاق، ربما خذ قسطًا من الراحة وحاول الاسترخاء قبل ممارسة العلاقة.
القذف المبكر (PE) والتوتر
دعنا نتحدث عن القذف المبكر (PE) والتوتر. يُعد القذف المبكر مشكلة جنسية شائعة تؤثر على حوالي 20-30٪ من الرجال في الفئة العمرية الأكثر نشاطاً جنسياً. والواقع أن التوتر يمكن أن يزيد الأمر سوءًا⁵. فهي ضربة مزدوجة. فعندما تكون تحت الضغط، يمكن أن يزيد ذلك من الحساسية في المناطق التناسلية، مما يسبب القلق أثناء العلاقة الحميمة، ومن ثم تفقد السيطرة وينتهي الأمر بسرعة. يسبب الأمر الإحباط للعديد بالتأكيد. ولكن هناك طرق للتعامل معه. يمكن تعلم بعض الأساليب لإدارة التوتر والقلق، التي تساعد في علاج القذف المبكر. وهناك أيضًا علاجات متوفرة، مثل العلاج النفسي أو الأدوية، والتي يمكن أن تحدث فارقاً كبيراً.
التواصل والحميمية العاطفية
يلعب التواصل والحميمية العاطفية دورًا جوهريًا في الحفاظ على العلاقات الصحية، خاصة فيما يتعلق بالصحة الجنسية. من المهم إدراك أن التوتر يمكن أن يكون له تأثير كبير على الحميمية العاطفية والتواصل مع شريك الحياة، خاصة بالنسبة للرجال. يمكن أن يؤدي التوتر المزمن إلى الغضب وتقلب المزاج والانفصال العاطفي، وكلها عوامل تؤثر على العلاقات وتقلل من الجودة العامة للتجارب الجنسية.
من الضروري أن يدرك الرجال التأثيرات المحتملة للتوتر على الصحة العاطفية وأن يعملوا بنشاط على تعزيز التواصل والنقاش المفتوح مع شركائهم. من خلال مناقشة مشاعرهم ومخاوفهم بصراحة، يمكن للرجال خلق مساحة آمنة للاتصال العاطفي، مما يمكن أن يحسن في النهاية صحتهم الجنسية ورفاهيتهم بشكل عام.
هناك نصائح عملية لإدارة التوتر وتعزيز العلاقة الحميمية، مثل تخصيص وقت ثابت للمحادثات الهادفة، والمشاركة في أنشطة تعزز الاسترخاء وتخفيف التوتر، وطلب المساعدة من متخصصين إذا لزم الأمر. يمكن أن يساهم كل ذلك في الحفاظ على ارتباط عاطفي قوي مع الزوجة. من خلال إعطاء الأولوية للتواصل المفتوح والحميمية العاطفية، يمكن للرجال التغلب على تحديات التوتر وتعزيز علاقاتهم، مما يؤدي في النهاية إلى تجربة جنسية أفضل.
تقنيات إدارة التوتر
تلعب تقنيات إدارة التوتر دورًا أساسيًا بالنسبة للرجال في الحفاظ على الصحة العامة ودعم الصحة الجنسية. من المهم أن يدرك الرجال تأثير التوتر على صحتهم البدنية والعقلية، بما في ذلك وظائفهم الجنسية.
تعد ممارسة الرياضة بانتظام من تقنيات إدارة التوتر الفعالة، والتي كما ذكرنا سابقًا، يُثبت أنها تقلل من مستويات التوتر وتحسن الحالة المزاجية العامة 6.
يمكن أن تساعد ممارسات التأمل، والتنفس العميق الرجال أيضًا على إدارة التوتر وتعزيز الشعور بالهدوء7.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تكون تقنيات الاسترخاء، مثل الاسترخاء التدريجي للعضلات والتصوير التوجيهي، مفيدة في تقليل التوتر وتعزيز الاسترخاء8.
من المهم للرجال الذين يعانون من صعوبة في إدارة التوتر أن يطلبوا المساعدة المهنية، حيث يمكن أن يقدم العلاج والاستشارة دعمًا وإرشادًا قيمين. من خلال دمج هذه الاستراتيجيات القائمة على الأدلة في حياتهم اليومية، يمكن للرجال خفض مستويات التوتر بشكل فعال والسيطرة على صحتهم الجنسية.
باختصار
يعتبر التوتر عدوًا صامتًا يمكن أن يؤثر بشكل كبير على الصحة الجنسية للرجال، مما يؤدي إلى مشاكل مثل ضعف الانتصاب وانخفاض الرغبة الجنسية وتوتر العلاقات. إن فهم العلاقة المعقدة بين التوتر والصحة الجنسية، يُمكّن الرجال من تطبيق تقنيات إدارة التوتر بشكل فعال وطلب الدعم المناسب عند الحاجة. تذكر أن الاهتمام بالصحة العقلية والعاطفية هو المفتاح لتعزيز حياة جنسية صحية.
المصادر:
- https://www.mayoclinic.org/healthy-lifestyle/stress-management/in-depth/stress/art-20046037#:~:text=Adrenaline%20makes%20the%20heart%20beat,the%20body%20that%20repair%20tissues.
- https://bluehorizonbloodtests.co.uk/blogs/testosterone-and-related-blood-tests-2/how-stress-can-affect-your-testosterone-levels#:~:text=One%20of%20the%20lesser%2Dknown,lead%20to%20other%20unwanted%20conditions.
- https://tau.amegroups.org/article/view/9503/10291#:~:text=Animal%20studies%20demonstrate,ED%20(9).
- https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC8964411/#:~:text=Men%20with%20anxiety%20disorders%20have%20been%20identified%20as%20high%20risk%20of%20developing%20erectile%20dysfunction
- https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC9564967/#:~:text=Recent%20findings%20indicate%20that%20men%20with%20premature%20ejaculation%20report%20more%20frequent%20sexual%20problems%20associated%20with%20increased%20anxiety%20and%20interpersonal%20difficulties
- https://www.mtsac.edu/wellness/pdf/worklifebalance/get_moving_to_manage_stress.pdf
- https://agerrtc.washington.edu/sites/agerrtc/files/files/Mindfulness_Final.pdf
- https://emergency.unhcr.org/sites/default/files/Relaxation%20Techniques%20for%20Stress%20Relief.pdf